شموخ وردة
نزلت إلى الحديقة
لتسقي ورودها.. هالها ما رأت..
تفتحت
كل الورود إلا الحمراء.. لقد نضبت الحياة فيها وذبلت أوراقها..
غريب.. كيف تفتحت
الألوان كلها الصفراء والبيضاء والبنفسجية..
إلا الحمراء؟ أمن الممكن لأنها سقتها بدموعها؟
كانت تحرص كل يوم أن
تنزل وتفرج عن مكنونها عند هذه الشجرة خصيصا
ربما لأن اللون
الأحمر يذكرها بقلبها الدامي.. ذبل الورد الأحمر كما ذبل قلبها ونضب..
أهملت ورودها كما
أهملت قلبها، دون قصد، كانت تظن الرعاية أن تسقيه من روحها، وكان كيانها السقاء،
إلى أن نضب وخفت ضوؤه..
وكيف لكيان أن يعيش بلا سعادة.. وكيف لقلبها أن
يسمو بها فوق الأحزان وهي تذكره كل يوم بماضيها الحزين..
غادرتها البسمة منذ زمن واستبدلتها بالأنين وشهقات اغتالت نفَسها..
وجدت راحتها برعاية ورودها.. تشذبها وتقلمها وتنظف تربتها من الأعشاب
الضارة وتسقيها..
ثم تجلس عند الوردة الحمراء تفضفض
لها وتحادثها..
لعل الورود كانت تعسة من حديث صديقتها فما لبثت أن فارقت الحياة..
هذه الورود عندها الشجاعة التي فارقتها.. واجهت مصيرها شامخة رأسها ولم
تنحن..
هل قتلت صديقتها بحديثها؟ كانت تحبها وترتاح بجانبها وتضمها براحتيها..
وكانت وردتها تستمع لحكاياتها دون تذمر..
ولكنها بدل أن تستمتع بوردتها وجمالها.. كانت تشكو لها كلما رأتها..
فلم تحتمل أن تستوعب كل هذه المعاناة.. لم تخلق لذلك..
بل لتمنحنا الجمال والرائحة العطرة..
يا لخجلها من ورودها.. كم كانت أنانية.. فكرت بنفسها ولم تهتم لما تحس به
ورودها..
ثم فجأة هيئ لها أنها سمعت همسا.. إنها وردة بها بقايا حياة..
تقول لها: هوني عليك.. فإنما انتهت أيامنا يا صديقتي.. وأنت عليك ان تدركي العبرة
أن عليها أن تواجه دنياها كهذه الوردة الشجاعة.. إما أن تبقى لتمنح جمالا
لكونها أو ترحل بصمت..
عليها أن ترفع رأسها ولا تستسلم لشجون قلبها..
لا بأس إذا ستعيد زراعة الشجرة الحمراء وسترعاها بحق بصمت وحنان وستكون نعم
الصديقة لورودها وحديقتها.. ولقلبها
أيضا...لأن الحب هو العطاء أو الرحيل بصمت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق