بين موجتين

جرفتها أفكارها وغرقت في خضم مشاعرها وجدت نفسها أمام شاطئ البحر ..وقفت على حافة البحر تتأمله ..هل اقتادتها خطواتها قصدا أم سهوا إلى هذا المكان ؟؟ هل جاءت تواجه خوفها أم تهرب منه؟؟ كانت سابقا تعتقد أن البحر غير آمن ...والآن تنشده بحثا عن لحظة أمان في هذه الفوضى العارمة في حياتها..تريد أن تعيد تصفيط ملفاتها ..ذكريات مبعثرة هنا وهناك ..هنا غضب وألم وهناك فرح وسعادة وبينهما مشاعر مختلطة دفينة ..نفضت عن كتفها وشاحها لعلها تنفض معه تعب الماضي وأعباء الحاضر ..وفكرت لحظة قبل مد قدمها تتلمس برودة المياه ..ترى ما يمنعها لو رمت بكل جسدها وانطلقت داخل أمواج هذا العباب .. ألأنها لم تتعلم السباحة ؟؟ وما الفرق ؟؟ فهي لم تتعلم كيف تعيش على هذه الأرض أيضا ..وها هي في كل صباح تستيقظ لتواجه الحياة بكل صعوباتها ..ترى كيف يكون الاختناق في الماء ؟؟ وهل يختلف عن الاختناق من تحمل أطباع البشر ..أم حدة أسنان القرش تختلف عن حدة جبروت الإنسان ؟؟ هل تخاف الموت أم الاستمرار في الحياة أكثر ؟؟
هي تقف على الحافة بين البحر واليابس ما بين المنطقتين ..هناك منطقة تسمى الأمل ..هنا يبدأ التفاؤل وهنا ينتهي ..هنا ترمي كل خوفها وهمومها في البحر ..لعله طعم تصطاد به لحظات سعادة ..هنا هي ملكة ..وصيفاتها نسمات بحر عذبة..وخدامها رمال رطبة ..أمسكت حصاة وقذفت بها في الماء ..كم هو جميل أن يستوعب البحر أخطاءنا.. نرميه بالحصاة فيبتلعها ولا يترك أثرا ..لو كانت أخطاؤنا على اليابسة تبتلع وتمحى بلا أثر لكانت الحياة أجمل..وكيف إن كنا قساة مع أنفسنا؟؟ كيف سيرفق بنا الآخرون ؟؟..كيف وقد تشوهت أرواحنا من آثار حصوات الماضي ..علمت فيها ندبا لا تزول..

بين موجتين٢

بين موجتين 2

اعترف أني ما زلت أتعلم ولم أبلغ قطرة في فيضان الدنيا المائج .. بل حتى لم أبلغ مدارك نفسي ..ما زلت أحاول سبر أغوارها. 
من أنا؟ لماذا أنا؟ متى وأين وكيف ينتهي العبء وأدرك سلامي الداخلي؟؟
 هل أنتظر النهاية؟؟ أم سأستسلم وأرمي أحمالي وأهرب؟؟؟
 وكأني أسبح في محيط ماء عظيم، وأتحرك مع التيار تارة  وضده تارة أخرى، وفوقي  أحمال ثقيلة أعجز عن تركها.. 
أبحث عن بحر أو بحيرة أو ميناء لأرسو وأضع أثقالي ..

ولكن .. ولا مرة نظرت للأسفل نحو العمق ..نحو النهاية..
 هذا الخوف الذي يقيدني، خوف من نهاية الأعماق ..
لا أعلم هل هي عميقة حقا؟ أم ضحلة؟ 
 أم أن النهاية مجرد هاجس يدفعني أن أبقي نفسي في المكان الأقرب للبر؟؟
تعلمت أن أستمر في السباحة في كل حال على أن أبتعد  عن الأمواج العالية حتى لا تقذفني حيث لا أدري، فقد لا أتمكن من العودة ..
وكلما تفاديت موجة فرحت وتفاخرت ..ثم أدرك أن اعتلاء الموجة هو الأصعب وليس تفاديها..
 وتذكرت ضعفي وقلة حيلتي ..لا بأس طالما لا زال بعض الجلد ..قد أتمكن يوما من اعتلاء موجة ..كل ما يهم هو أنني أستطيع التعلم ..المهم أن أستمر في الحركة ..
وكلما داخلني يأس وفكرت في التوقف تذكرت خوفي من الأعماق ..فالتوقف يعني الغوص نحو العمق ..نحو اللانهاية أو النهاية لا أعلم ..
وفي هذا الحوض العظيم أنهار تصب في المجهول ..وكما ابتعدت عن الموجات العالية.. وكما امتنعت عن النظر إلى الأعماق.. تفوقت في الابتعاد عن هذه المصبات..

لعلي أرسو على شاطئ الأمان في يوم..

 كيف يكون وضع الأثقال وكيف يكون عدم الشعور بالأعباء؟؟


سأستمر في ترديد بعض الأقاويل لنفسي..أنني سأبلغ البر يوما وفي يدي أحمالي التي كانت دافعي للصمود ..سأضعها وأستقر على الرمال الجافة ..كما حملتني محيطات نفسي سيحملني بر الأمان يوما ..لألقي بظهري عليه وعيوني ترمق الفضاء الرحب .. لن أضيق رحبا فكل ما على الأرض واسع كما خلقه الله لنا ..سمائي على مد البصر هذه حدودي وهذا هو إدراكي ..سأتفادى الحفر كما تفاديت الموجات العالية ..
سأبدأ هناك ..
ولن أخاف النظر للأسفل أوللأعلى .. إلى النهاية أو اللانهاية ...







على نقرات التانغو

علی نقرات التانغو


جلس زوجها علی الكنبة عائدا من عمله ..كان يهم بالذهاب للنوم .. عندما قررت ألا تطوي هذه الليلة قبل أن تفرغ مكنونات قلبها ..ولكن كيف ستخبره ؟؟ تذكرت خلافات الليلة الماضية والتي قبلها ..بل خلافات كل ليلة...أخيرا تمكنت من أخذ قرار..وهو الرحيل ..هل سيدعها تذهب هكذا بلا عناء؟؟ ..هل سيكون هادئا ؟؟ أم ستتحمل صياحه لليلة أخری..آه كم اشتاقت للهدوء ..
ثم فجأة قالت له ..عزيزي لما لا نرقص التانغو ..هيا سنختم بها هذه الليلة ..نظر متعجبا ..ماذا ؟؟ قالت لقد اشتقت أن أرقصها ..هيا لن أتعبك ..سأكون بطيئة لأواكب حركتك ..ثم بعد جهد قام ..حركت الموسيقی ..فمد يده والتقط يدها ..قالت يا عزيزي هكذا بدأت حياتنا ..عندما طلبت يدي من والدي فضحك ..لم يدرك مغزی الكلام عندها ..ثم انتقل للحركة الأخری واقترب منها وشدها لصدره ..قالت وهكذا كنا في بداية حياتنا بهذا القرب...كانت حياتنا لوحة رومنسية جميلة..تعمق بوجهها متذكرا الماضي ..ثم انتقل للحركة التالية ليبتعد قليلا قليلا ..وظل ممسكا يدها ..فقالت أما الآن فهذه حياتنا ..إنما هو ارتباط ظاهر ..هذه اليدان المتماسكتان هي آخر المطاف قبل الافتراق ..فهم ما تريد ..إذ أن الحركة التالية كانت الابتعاد والدوران بعيدا ..لكنه ظل ممسكا يدها ..حاولت أن تفلت يدها فلم تستطع ..
قال يا عزيزتي كنت دائما أعول علی قوة تحملك ..وكم كنت سندا لهذا البيت..كنت أنا من أتفلت وكنت أنت من يشد علی يدي ..هل تظنين أنني سأدعك الآن تنفلتين من يدي ؟؟ حان دوري الآن ..سأتمسك بك ولن أدعك تهربين
أجابت ولكن أنا تعبت ..من الجدال والكلام والثرثرة . والأكثر من صياحك..فشدها مرة أخری لقلبه قائلا ..لو بقينا بهذا القرب ..لن ندرك معناه إلا بعد فسحة ثم أبعدها قليلا لتدور ثم قربها..هذه الفسحة لندرك ما فقدنا ..لا بد أنني تغيرت مع هذه السنين ..كم روضتني وقد كنت أهوجا والآن هي بعض تنفيسات تخبو كل يوم..تأكدي ..سيأتي يوم لن تسمعي فيه صوتي سنكون رحلنا عن هذه الحياة ..ولكن أفضل أن يأتي وأنا بجانبك ..ما لبثت أن امتلأ وجهها بالدموع ..حقا هي لا تريد الافتراق ..إنما تحتاج بعض الفسحة

جسر الذكريات


جسر الذكريات
بسم الله الرحمن الرحيم
يقبع هناك في الذاكرة فائض من الألم المشوب بأعباء الماضي يتحدر بعمق في حنايا الأحاسيس يتغذى من الندم والغضب ولوم للنفس أكثر منه للآخرين ..يفسد علينا التمتع في لحظات الصفاء ..تلمع فجأة فكرة من الماضي تنساب بين لحظات البهجة لترهق أفكارنا ...تعوق تقدمنا وتخدم زيادة القلق ونعجز عن دفعها حتى تتحكم بنظرتنا للأمور ..ونتمنى لو أمكن أن نعزلها ونحجر عليها ولكنها تبقى هناك..
 كجسر تعبر عليه لتصل بر الأمان فتعصف الرياح ويهتز وتظن أنك لا محالة واقع فوق كومة شوك ..
وفي خضم الذكريات أتمنى لو كان هناك مصل لفقدان بعض هذه الذاكرة أو تعويذة لمنع التفكير ..أنسى أحداثا أو أشخاصا سببوا هذا الكم من الألم ..
الحقيقة أنني بحثت عنه ..سمعت عن تعويذة النسيان في مكان ..ثم توقفت عندما تذكرت أن هذا الألم أنتج إيمانا يفيض بقوة التمسك بحبل الله وأعطاني العزيمة لمواجهة هذه الصعاب التي تشكلت لأكون بهذه العزيمة  لصد العوائق والعقبات ..
وتذكرت أنني سأنسى هذا الإيمان بالمعية وأنسى لحظات لا تعوض ببقية العمر ..وقد ينقلب الإيمان إلى ضعف ولا مبالاة وقلة صبر ..سأنسى دروس الحياة التي تمنعني من الوقوع في الخطأ الآن وقد أكررها وأعود لنفس النقطة مرة أخرى ..
عدلت عن فكرة النسيان لأنه سيعني ضياع مقتنياتي الفكرية وقناعاتي ..
وكما سأنسى كرهي سأنسى محبتي وهي أغلى على قلبي ..
علمت الآن أن أسباب الحياة أكثر وأعمق من كل موروثات الحقد والألم ..وأسباب الشفاء تكمن بأسباب الشقاء ..منها يصدر الإلهام والعطاء ..
سأتمسك بأحبتي وسأكمل بهم طريق السلام الداخلي الذي سأشتقه من جذور الذكريات ..ليرثوا عبرة من كفاحي و يقيني أن لا يأس مع الحياة ..
وأن الحب لن ينضب بل سينبض أبدا ليشع نورا في طريق المحبين في الله..