بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد , أما بعد
في هذا التطور الهائل للعلم الحديث ولا زال القرآن بعظمته يواكب كل صغيرة وكبيرة في هذا التطور ويعود ذلك إلى فضل أولي العلم في السهر على فهمه وإدراك حقائقه ,وقد نزل القرآن بدعوة للقراءة والفهم وعدم الاكتفاء بأي حال من دراسته ,فعلى من يجد حرجا في نفسه أن يتفكر ويبحر في عالم القرآن أن يراجع نفسه ؛ لأن التفكر لم يوجه إلى فئة محددة ...بل كل مسلم عليه أن يجتهد في الفهم ولو كان على قدر محدود , فجعل الله أجرا لمن اجتهد فأخطأ حتى لا يحجم أحد عن هذا الاجتهاد , والله ولي المتقين .
سورة النمل وهي- كما هو شأن جميع سور القرآن- سورة فيها من العبر والقصص والأحكام ما يخص مجتمعنا اليوم من أساليب التعامل مع الآخرين وأساليب الدعوة إلى الله وتحمل الراعي لمسؤوليته.. وقد جاءت بين سورتين ..الشعراء والقصص وقد بدأتا بـ "طسم" وانفردت هي - أي النمل- بينهما بـ"طس" على أنهم أي السور الثلاثة من منظومة واحدة ومحور واحد ..أن الجهاد له شقان (اللسان والجسد) وأن استخدام الفصاحة والإقناع لا تقلان أهمية عن القوة الجسدية إن سخرت فصاحة اللسان في سبيل الله .
بسم الله الرحمن الرحيم
{طس ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1)
هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ (2)
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3)
إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4)
أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5)
وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6)
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد , أما بعد
في هذا التطور الهائل للعلم الحديث ولا زال القرآن بعظمته يواكب كل صغيرة وكبيرة في هذا التطور ويعود ذلك إلى فضل أولي العلم في السهر على فهمه وإدراك حقائقه ,وقد نزل القرآن بدعوة للقراءة والفهم وعدم الاكتفاء بأي حال من دراسته ,فعلى من يجد حرجا في نفسه أن يتفكر ويبحر في عالم القرآن أن يراجع نفسه ؛ لأن التفكر لم يوجه إلى فئة محددة ...بل كل مسلم عليه أن يجتهد في الفهم ولو كان على قدر محدود , فجعل الله أجرا لمن اجتهد فأخطأ حتى لا يحجم أحد عن هذا الاجتهاد , والله ولي المتقين .
سورة النمل وهي- كما هو شأن جميع سور القرآن- سورة فيها من العبر والقصص والأحكام ما يخص مجتمعنا اليوم من أساليب التعامل مع الآخرين وأساليب الدعوة إلى الله وتحمل الراعي لمسؤوليته.. وقد جاءت بين سورتين ..الشعراء والقصص وقد بدأتا بـ "طسم" وانفردت هي - أي النمل- بينهما بـ"طس" على أنهم أي السور الثلاثة من منظومة واحدة ومحور واحد ..أن الجهاد له شقان (اللسان والجسد) وأن استخدام الفصاحة والإقناع لا تقلان أهمية عن القوة الجسدية إن سخرت فصاحة اللسان في سبيل الله .
بسم الله الرحمن الرحيم
{طس ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1)
هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ (2)
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3)
إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4)
أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5)
وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6)
تذكرنا بداية سورة النمل بمطلع سورة البقرة من حيث ربط القرآن بالمؤمنين ثم تعريفهم .. في البقرة كان ذكر للمتقين {هدى للمتقين} وهنا للمؤمنين {هدى وبشرى للمؤمنين}... المتقون تعريفهم {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون} أما المؤمنون فتعريفهم {الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}..فالفرق على ما فهمت أن المتقي الذي يتقبل كل ما يرسل من الله من علم الغيب وهو عالم واسع يشمل الإيمان بكل ما أراد الله للإنسان وأقل منه المؤمن الذي يعبد الله أقل بدرجة من تقبل الغيب إلا أنه يؤمن بالآخرة تماما...
{إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا
سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ
تَصْطَلُونَ (7) فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ
حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا
اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ
كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ
إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ
حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي
جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آَيَاتٍ إِلَى
فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) فَلَمَّا
جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13) وَجَحَدُوا
بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ
عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)
تتحدث عن إرسال الله موسى عليه السلام لفرعون, وتبين لنا حال موسى عليه السلام لحظة إرساله ومباركة الله لأرض الطور والمعجزات التي أمده بها الله ثم جحود القوم بالآيات وكفرهم وعاقبة الكفر كل هذا بسبع آيات فسبحان الله لهذا الإعجاز , أريد هنا الرابط بين هذا الإيجاز وقصة سليمان عليه السلام ومع النمل تحديدا ؟؟.
تتحدث عن إرسال الله موسى عليه السلام لفرعون, وتبين لنا حال موسى عليه السلام لحظة إرساله ومباركة الله لأرض الطور والمعجزات التي أمده بها الله ثم جحود القوم بالآيات وكفرهم وعاقبة الكفر كل هذا بسبع آيات فسبحان الله لهذا الإعجاز , أريد هنا الرابط بين هذا الإيجاز وقصة سليمان عليه السلام ومع النمل تحديدا ؟؟.
موسى عليه السلام ذهب ليأتي لأهله (بخبر) ..هذه الكلمة لها
مدلولات كثيرة سنتبينها عندما نقرأ فيما بعد عن أهمية المخبر والاستطلاع عند القيام
بمهمة عظيمة كالتي قام بها الهدهد لسليمان عليه السلام , هؤلاء الأنبياء وهم أيضا
قادة عظام يعلمون بالفطرة التي هيأهم الله بها كيف يتممون الأمور على خير وجه
,وعند قراءة سيرهم عليهم سلام الله لحظة إرسالهم , نعلم أن هذه الرسالة سبقتها
مهام عظيمة وتحمل للمسؤولية ولم يجلسوا في بيوتهم ينتظرون الرسالة تهبط عليهم , وموسى
عليه السلام بعث أثناء حمايته لأهل بيته فكان ذاهبا ليأيتي لأهله بخبر أو نار
يحتمون بها من البرد القارص , وإذ به بدل ذلك يلاقي ربه لأعظم مهمة وهي دعوة فرعون
ليعبّد بني إسرائيل , أي يدعهم ليعبدوا الله عز وجل ولا يمنعهم عنها , وقد كان
استأثر بها هو لنفسه .
ولما خاطبه الله بذلك , طلب منه الله أن يلقي عصاه فأطاع الله مباشرة وقد جبل على طاعته وألقى عصاه فرآها صارت حية تسعى ,هنا هرب موسى عليه السلام , ترى لماذا يخاف موسى من هذا ؟ أيكون خاف من الحية وهو على ما هو عليه من قوة ؟ قال له الله تعالى ليطمئنه (إنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ) ليبين له أنه اصطفاه ولم يأخذه بذنبه , وهنا علينا أن نفهم مما خاف ؟؟ كان خائفا من ذنبه لعل الله أراد أن يحاسبه عليه وهو قتل النفس في الماضي .. فقال له عز وجل ( إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ) فخلق الأنبياء عبرة لنا أن لا نأمن مكر الله وأن نخاف ذنوبنا في كل حال ولا نخاف إلا ذنوبنا ..
ولما خاطبه الله بذلك , طلب منه الله أن يلقي عصاه فأطاع الله مباشرة وقد جبل على طاعته وألقى عصاه فرآها صارت حية تسعى ,هنا هرب موسى عليه السلام , ترى لماذا يخاف موسى من هذا ؟ أيكون خاف من الحية وهو على ما هو عليه من قوة ؟ قال له الله تعالى ليطمئنه (إنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ) ليبين له أنه اصطفاه ولم يأخذه بذنبه , وهنا علينا أن نفهم مما خاف ؟؟ كان خائفا من ذنبه لعل الله أراد أن يحاسبه عليه وهو قتل النفس في الماضي .. فقال له عز وجل ( إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ) فخلق الأنبياء عبرة لنا أن لا نأمن مكر الله وأن نخاف ذنوبنا في كل حال ولا نخاف إلا ذنوبنا ..
ثم ذهب لفرعون مع أخيه هارون وقد أيقن هنا أنه ليس بحاجة الآن
للقوة الجسدية لينصر المظلوم كما كان حاله قبل أن يهرب ,بل معه قوة إلهية عظيمة
يثق بها تماما والعجيب أن المعجزة كانت بأمور لم يكن ليلقي لها بالا وهي عصاه ويده
..لتقف أمام جبروت فرعون وجنوده ولتجعل أمة عظيمة تؤمن بالله ,العصا تتحول لحية
فتلقف ما يأفكون ويده التي قتل بها الفرعوني تحولت لمعجزة تدفع عنه السوء بشدة
ضوئها وإنارتها ومعها تسع آيات عظام..هذه مقدمة ومختصر لقصة موسى (ع) تبين لنا
أهمية الخبر ومكان الاستطلاع وكيفيته ..
ثم تنتقل الآيات إلى
قصة سليمان عليه السلام مع الهدهد وسبأ ..وقد جاءت الآيات بعدها مباشرة تتحدث عن
سليمان وقد فضله الله عز وجل هو وداوود عليهما السلام على كثير من عباده وعلمهما
منطق الطير وآتاهما من كل شيء.. .
(وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ(19)
ما هذا العطاء الذي وهبه الله لسليمان وداوود عليهما السلام ؟؟..لقد علمهما منطق الطير ,, ومنطق هو من النطق أي الأصوات التي تخرج من الجوف فهو إذا يفهم ما تقوله الطيور وتلفظه , لأنه لو أراد غير ذلك لقال لغة وليس منطقا ,ولا نظن أن ذلك العطاء كان تسلية للنبي عليه السلام , فكلما زاد عطاء الإنسان زاد تكليفه ومسؤوليته , طالما أنه يفهم منطقهم فعليه متابعة أمورهم ومكلف بأمورهم ومحاسبتهم كجزء من الرعية ,فيا لهذا الحمل العظيم ,وقد أوتي من كل شيء فكان الشكر هو سبيله ,, وأوتي من كل شيء بمعنى أنه من كل عظيم وشأن جزءا فهوعالم ملك ويحكم على الجن والإنس والطير ويتابع أمورهم, وكعهد هؤلاء العظام فإن شأن الله معهم هو العطاء بعد الشكر وتربية النفس أول بأول فلا يكاد يخطئ بغير قصد (لأنه معصوم عن الخطأ ) حتى يأتي التوجيه مباشرة من الله ليعيده إلى ما يرضاه له ,وقف سليمان عليه السلام وقد حشر له كل جنوده وقد شعر بهذه العظمة التي آتاه الله وقد خرج بهم موزعين,وإذا بهم يأتون على واد النمل ليسمع النملة الاستطلاعية تحذر قومها ..ونلاحظ أنه شكر الله على إيتائه منطق الطير ولم يذكر النمل , وإذ به بفهم جديد لم يعهده لقد فهم النمل ,وإذ به بجيش النمل يختبئ لما سمع النمله المستطلعة قد حذرتهم ..
(وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ(19)
ما هذا العطاء الذي وهبه الله لسليمان وداوود عليهما السلام ؟؟..لقد علمهما منطق الطير ,, ومنطق هو من النطق أي الأصوات التي تخرج من الجوف فهو إذا يفهم ما تقوله الطيور وتلفظه , لأنه لو أراد غير ذلك لقال لغة وليس منطقا ,ولا نظن أن ذلك العطاء كان تسلية للنبي عليه السلام , فكلما زاد عطاء الإنسان زاد تكليفه ومسؤوليته , طالما أنه يفهم منطقهم فعليه متابعة أمورهم ومكلف بأمورهم ومحاسبتهم كجزء من الرعية ,فيا لهذا الحمل العظيم ,وقد أوتي من كل شيء فكان الشكر هو سبيله ,, وأوتي من كل شيء بمعنى أنه من كل عظيم وشأن جزءا فهوعالم ملك ويحكم على الجن والإنس والطير ويتابع أمورهم, وكعهد هؤلاء العظام فإن شأن الله معهم هو العطاء بعد الشكر وتربية النفس أول بأول فلا يكاد يخطئ بغير قصد (لأنه معصوم عن الخطأ ) حتى يأتي التوجيه مباشرة من الله ليعيده إلى ما يرضاه له ,وقف سليمان عليه السلام وقد حشر له كل جنوده وقد شعر بهذه العظمة التي آتاه الله وقد خرج بهم موزعين,وإذا بهم يأتون على واد النمل ليسمع النملة الاستطلاعية تحذر قومها ..ونلاحظ أنه شكر الله على إيتائه منطق الطير ولم يذكر النمل , وإذ به بفهم جديد لم يعهده لقد فهم النمل ,وإذ به بجيش النمل يختبئ لما سمع النمله المستطلعة قد حذرتهم ..
فكأنه يقول له الله عز وجل لا تفرح بما تملك فهذه النملة
الصغيرة تحكم على جيشها وترعاهم وتخاف عليهم , وهم أصغر جيوش الأرض , وقد وزعوا
لوظائفهم كما وزع جيش سليمان , فضحك من قولها لما تنبه لما أراد الله منه ولم يرد
غيرذلك من النمل فقد تكون حالة مؤقتة والله أعلم... كم من درس في درس واحد 1-لا
تفرح ولا تستعظم نفسك فهذا جيش كجيشك تقوده نملة 2-وأيضا هنا توجيه لدور الاستطلاع
ومن يأتي بالخبر اليقين , وهذا ما ذكرته بقصة موسى (ع)عندما قال"سَآَتِيكُمْ
مِنْهَا بِخَبَرٍ" فدور القائد أن لا يستهين بأي اشارة , وأن لا يهمل دور
المخبر و المستطلع 3- أدرك كلام النمل ولم يذكره أولا في حديثه وهي من أصغر
المخلوقات وأكثرها تنظيما سبحان الله 4- لقد سمع حكمة النمل وقد حللتهم من هذا
الذنب أنهم لا يشعرون 5- أيضا إن هذا من فضل الله عليه فلو أنه مسؤول عن جيوش
النمل كم ستكون مهمة صعبة لو أوتي منطق النمل؟؟ ولكن فهم أن عليه الاستفادة من
قدرات جنده ,فعاد وشكر الله مرة أخرى ( فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا
وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ
وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ
فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِين)
.
ثم ننظر ماذا فعل سليمان عليه السلام بعدها ؟؟ كيف استفاد من العبرة ؟؟
ثم ننظر ماذا فعل سليمان عليه السلام بعدها ؟؟ كيف استفاد من العبرة ؟؟
{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26}
لقد تفقد الطير وعلى الأغلب تفقد جيشه بأكمله وعندما وصل إلى الطير لم يجد الهدهد , أو أنه تفقد الطير بشكل خاص لأنهم ينزعون إلى الطيران و أسهل أن ينسلخوا من الجيش , على كل أنه لم يجد الهدهد , وهنا غضب فجزء من جيشه خرج عن النظام وترك الجيش , فهدد إن لم يأته بخبر أو سبب مهم ليذبحنه وعليه ذلك أمام الجند وإلا استسهل ذلك غيره وتركوا وظيفتهم ..
وفي الحديث الشريف ( أنت على ثغرة من ثغرالاسلام فلا يؤتين من قبلك ) فكل فرد في المجتمع مكلف بعمل وعليه أن يدركه ويدرك سبب خلقه فلا يدع اختراق الأمن من قبله ..وطالما أن اسم سورة النمل فلا بد أن هنا لب الموضوع ...لنتبين أهمية المخبر والمستطلع في البلاد ..بكلمة ينقذ شعبه ..
ثم تنتقل لقصة بلقيس كما يشاع أنه اسمها وهي قصة طريفة جدا وتبين مدى حكمة سليمان عليه السلام ومدى رجاحة عقل بلقيس أيضا , يأتي الهدهد بخبر هذه المملكة , فلنمعن بما قال الهدهد؟ (1- سبأ تملكهم امرأة 2-أوتيت من كل شيء 3- لها عرش عظيم4- يسجدون للشمس من دون الله) أليس هذا ما قاله سليمان أنه أوتي من كل شيء ؟؟ إذا هذه الملكة لها مثله من كل شيء.. علم وملك وقوة تزيد بهم عن غيرها, وسنفهم من السياق أن الجن أيضا كانوا جزءا من شعبها سخرتهم لخدمتها,حتى أن في الأساطير قيل أنها نصف بشر ونصف جان - وهذا الجزء كان من الأساطير فهذا يخالف العقل - إلا أنها كانت تتعامل مع الجن وتلم بطبيعتهم وعملهم , وكان عرشها العظيم على الماء ..وما يهم سليمان عليه السلام من أمرهم , أنهم كانوا يسجدون لغير الله (للشمس ) وهنا عليه أن يتدخل , وسمع الخبر الذي أتى به الهدهد بكلام جميل جدا عن الايمان بالله لا يدركه للأسف الكثير من أصحاب العقول من البشروعندها قرر إرسال الهدهد إليهم برسالة قال..
( قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ
(27) اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ
فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي
أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ
اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي
مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا
كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ
وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33)
قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا
أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ
إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)
إذا قال له سليمان سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين ..فبعد أن
ذكرت أهمية المخبر للقائد يجب أن ننتبه إلى أهمية تحري الصدق ..(إذا جاءكم فاسق
بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ) فهنا تهمة عظيمة لن يتصرف بها سليمان (ع)حتى
يتأكد فبعث معه بكتاب وإن كان الهدهد صادقا سيأتي برد عليه.. وإن لم يكن سيظهر
بردهم..
ماذا أمره ؟ ألقه اليهم وانظر (أي لا ترجع مباشرة بل انتظر
لتسمع ماذا قرروا بينهم أن يردوا )..وماذا كان الكتاب ؟؟ "بسم الله الرحمن
الرحيم" . "ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين" .. مختصر مفيد 1- أنا
أتحدث باسم الله وليس باسمي هذا أول هام 2- لا تعلوا علي لأنكم لستم بقدرتي 3- أن
تأتوني مسلمين ... إذا لم يقل له فقط أرسل الرسالة.. بل انتظر (وأمرهم بالمجيء وهم
مسلمون) بحزم وجزم ..انظر إلى الوظيفة العظيمة التي كلفه بها فهو رسوله إليهم وهو
المخبر الذي تركه بينهم بنفس الوقت..ولنر ماذا قال الهدهد لسليمان ؟؟ قال له..1-
أنهم أهل شورى وحكمة (هي تأخذ برأيهم , وهم لا يسيرون إلا بأمرها) يا الله ما أعظم
هذه المملكة !! لولا أنهم لا يعبدون الله 2- أنهم أشداء أقوياء !!لا ننسى أن فيهم
الجن الذين يزيدون من قوة أهلها ..3- أنهم يخافون من الملوك لأنهم إذا دخلوا
قريتهم يفسدوها بعد عمرانها العظيم 4- أنهم قرروا أن يرسلوا بهدية ليروا ماذا يريد
منهم الملك فإن كان هدفه مادي انتهوا منه .. . الآن علم سليمان عليه السلام قبل مجيئهم
بما سيؤول له أمرهم فأرسله مرة أخرى ..
(فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ
فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ
تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ
لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37)
نلاحظ أنه لم ينتظر مجيأهم لأنه تكلم عن الهدهد بصيغة المفرد
..فلو أنها أرسلت الجنود لقال فلما جاؤوا ثم لقال ارجعوا بدل ارجع...فكان هذا كله خطاب لهم من خلال الهدهد
قبل أي تصرف منهم..
ثم أرسله برسالة جديدة... أن قبل أن تتهوروا إياكم أن ترسلوا
بهدية فعندي خير مما عندكم ..فأنتم من يفرح بالهدايا وسأرسل لكم بجنود لا قبل لكم
بها ( هذا ما كانوا يخشونه فقد استفاد من هذا الخبر ..ورد به "لنخرجنهم منها
أذلة وهم صاغرون" .. الآن بعد هذا الرد المفحم علم أنه ليس لهم إلا أن يأتوا
مسلمين..
(قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40}
طلب عرشها..لماذا يا ترى ؟؟ ما الغاية من عرشها ؟؟هل فقط
لإظهار قوته ؟؟قد يكون هذا بعض غايته .. ولكنه لم يرد أن تأتي وتظهر طاعتها بدون
إيمان حقيقي ..أراد أن يؤثر بها حتى تؤمن بقدرة الله الحقيقية ..ولننظر إلى
المقارنة بين قدرة الجن وقدرة الذين أوتوا العلم من الله ..لا نعلم جنس الذي أحضره..أحضره
بما يحفظ من علم الله (الجن خلال ساعة حتى ينتهي مجلس سليمان..وأما الذي عنده علم
من الكتاب بلحظة ) وما كان من سليمان إلا أن زاد شكره لله وخوفا منه .... طبعا لم
توضع هذه المقارنة عبثا .. بل لها مراد عظيم ... هذا كسب للوقت .. ماذا استفاد
سليمان عليه السلام من الوقت الذي كسبه فما الفرق بين عدة ساعات وبين ارتداد الطرف
أي لحظة ؟؟ ماذا فعل بهاذا الوقت نبي الله؟؟ لننظر ..
(قَالَ
نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا
يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ
هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا
مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ
(43) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً
وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ
قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ (44)
سبحان الله ..إذا أراد أن
يكسب الوقت لينكر عرشها ..(وما التنكير هنا؟) .. هل أراد أن تظن أنه ليس بعرشها ؟؟
لا ليس بذلك ؟؟ لقد قال لننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون .. إذا ليس إحضار
العرش هو ما سيجعلها تؤمن بل تنكيره؟؟ وفعلا عندما رأت العرش قالت كأنه هو .. لم
يلتبس عليها فقد أيقنت أنه عرشها لحظة رؤيته .. قالت كأنه هو .. لأنها ظنت أن ما
المشكلة قد يكون عفريتا أحضره له فامتنعت تعنتا.. إذا فعلا صدها ما كانت تعبد من
دون الله وهذه العفاريت التي كانت تساندها .. فهي تعلم كما يعلم سليمان(ع) قوة
مخلوق الجن .. وتعلم قدرته على الإحضار والجلب ..حتى أنها هي وصلت مكان سليمان (ع)بسرعة
الجن وإلا
لما أراد الاستفادة من بضع ساعات لو أنها ستصل بشهور حسب سرعة ذلك الزمن في
التنقل.. وهي تعلم أن منتهى قدرة الجن على احضاره بفترة تنقلها من سبأ إلى فلسطين أنها
ساعة من الزمان ولو كانت وحدها لاحتاجت دقائق ولكنها جاءت مع حاشيتها..فلم تستغرب عندما
رأت عرشها أمامها.. لكن انظرمتى آمنت ؟ طلب منها أن تدخل الصرح أمام العرش ..
عرشها أصلا كان على الماء ورأت الماء أمامه ظنت أنه ماء كما هو حال عرشها .. فرفعت
عن ساقيها فقال لها أنه زجاج !!هنا آمنت ..لماذا ؟؟.. هنا أدركت أن هذا ليس بقوة
الجن .. بل ليس بقوة مخلوق أي كان .. بهذه الفترة أن يجلب عرشها ويصنع فوقه هذا
الزجاج ويصقله حتى يظهر أنه ماء يلمع .. توقفت وخشعت لله وقالت(رَبِّ إِنِّي
ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
وعلينا أن ننتبه أنه لا يجوز أن نلسق بسليمان نبي الله بعظمته
وحكمته أنه أراد من التنكير أن يكشف عن قدميها ليستبين حسنهما ويتأكد من أنهما
ليستا بقدمي حمار كما وردبل على العكس لقد كشف الأمر عندما أرادت أن ترفع عنهما
حتى تسارع بالستر عليهما..فهذا خلق الأنبياء..
يا الله .. كيف انتهت قصة مملكة عظيمة من الكفر إلى الإيمان ..
بلفتة بسيطة فلم تنزل نقطة دم واحدة ..فقط باستخدام المخبر والحنكة والذكاء فلم
يضطر إلى استخدام القوة الجسدية .. وأقول إن كان هناك من يستغرب لم أعطى الله هذه
النعم لسليمان عليه السلام خصيصا ؟؟.. فسبحان الله حتى نرى كيف استخدم كل نعمة
أوتيت له لصلاح الدين ..النمل, الطير ,الجن والبشر كلهم مسخرون للإسلام ..وللدعوة في سبيل الله..
هذه نهاية مملكة سبأ العظيمة وقصتها مع نبي الله سليمان عليه السلام...
هذه نهاية مملكة سبأ العظيمة وقصتها مع نبي الله سليمان عليه السلام...
ختمت قصة سليمان مع النمل والهدهد ومملكة سبأ وقبلها كانت قصة
موسى عليه السلام , برابط بينهما ألا وهو أهمية المخبر والمستطلع ودورهما في تبليغ
الهدف واستخدام أبسط الأمور في التبليغ ..فليس الشاهد استخدام القوة في تعبيد
الناس لله بل اتباع أسباب الله في الأرض.. وسأكمل بربط هذه الأهداف مع بقية سورة
النمل إن شاء الله , إن الناظر إلى موضوع السورة قد يصعب عليه إيجاد القرائن
مباشرة بالرابط الحقيقي في مواضيع السورة كلها ..إلا أنني أعتقد أنه دور الاستطلاع والإقناع بالفصاحة والذكاء
في تسخير النعم جميعها لعبادة الله ودورها في تبليغ الرسالة هو ما ربطت به السورة
..
بعد أن علمنا أن موسى عليه السلام ذهب ليستطلع لأهله عن النار
فيأتي لهم منها بشعلة ,,هو من باب حرصه على أهله أن يكونوا بخير حال طالما هو
المسؤول وهو الراعي لأهله ,, في هذا الوقت نزلت عليه الرسالة لتخبره أن مسؤوليته
تعدت أهل بيته بل عليه أن يهتم لشؤون جنسه كلهم (بني اسرائيل) الذين يلاقون الظلم
على يد فرعون ,, أنه طغى عليهم وسخرهم له كسحرة يعملون بالسخرة بلا أجر ,, ونعلم
أن موسى سلام الله عليه تعامل معهم بنفس المفهوم الذي اعتادوا عليه وهو السحر..
فدخل من نفس المدخل ظاهريا,,
الاستطلاع جر أمورا أخرى فمن علم بشيء عليه أن يتحمل أمره
للنهاية.. وسليمان(ع) علم منطق الطير فهو مسؤول عنهم وسخر المخلوقات تحت أمره
لعبادة الله أما فرعون عندما حكم سخر الرعية لعبادته هو وشتان ...استخدم سليمان(ع)
علمه لحماية المخلوقات وعمل على رعايتهم وشكر الله على عطائه وعبّد مملكة سبأ لله
,, فكلهم مخبرون وكلهم مستطلعون وبدرجات لكن في النهاية الهدف
واحد هو عبادة الله .. ولو قارنا دور المخبر لما اختلف عن دور المبلغ أيضا وهو
الرسول الذي يبلغ رسالة الله للأرض ويخبرهم بدورهم في هذه الخلافة وهو عبادة الله
وحده لا شريك له ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) وهدفه هو حمايتهم من أنفسهم
ومن الشيطان الذي يكيد لهم ليوقعهم في جهنم ..إذا هو عليه أن يتحمل مسؤولية عظيمة
..أن تصل الرسالة لكل إنسان فلا يقع بظلم نفسه في جهنم ..أظن الآن إذا أكملنا في
السورة نرى الرابط بوضوح فتتمتها تتحدث عن بعض الأنبياء وما عانوه من مشقة في
تحملهم للرسالة وصمدوا للنهاية في هذا البلاغ .. وليس بأمرهم أن ينسحبوا منه .. فقال
تعالى :
{وَلَقَدْ
أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا
هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45) قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ
بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
(46) قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ
بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47) وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ
يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ
لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا
مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا
مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ
أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ
خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)
وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ(53}
اذا ها هو نبي
الله صالح يرسل إلى ثمود ليخرجهم من عبادة الأصنام إلى عبادة رب الأصنام وقد كان
أخا لهم "أي منهم" ورحيم بهم وعليهم وقد كانوا مفسدين في الأرض ..كانوا
أهل خصام وإساءة ..وأنهم وصلوا إلى عمران عجيب فكانوا ينحتون من الجبال بيوتا
فأمرهم بعبادة الله ماذا كان ردهم ؟؟ إنا تطيرنا بك .. فانظر إلى هؤلاء وطائرهم
الشؤم الذي يبعدهم عن عبادة الله وانظر إلى الهدهد الذي بلغ أمة إلى الله وشتان ..
فهؤلاء جعلوا الطائر دليلا ضدهم ..سبحان الله ..فما كان من صالح إلى أن يأتيهم
بالبينة وقد ورد معنا ذكر الدليل آنفا وأهمية التأكد من صدق المبلغين ..لذا فلكل
رسول بينة ودليل من الله ..وهي واجب كل مبلغ لم يردّ عليه ولم يصغى لكلامه .. وما
هي البينة ؟؟ فكما ذكرت كانوا ينحتون الجبال ويعملون بالصخر .. فأخرج لهم من الصخر
الذي ينحتونه ناقة تمشي (وللعلم كان ذنبهم فضلا عن ذلك خصامهم وبأسهم الشديد بينهم
فسمي هو صالح ليدل على ما قام به بينهم ..فقبل الرسالة كان يصلح بين المتخاصمين )ونرى
الرابط هنا بدور قول الحق فإما أن يكون كلامنا وفصاحتنا دليلنا للحق أو أنه ضدنا
فيودي بنا للهلاك.. ولل شيء حجة ..وسحرة فرعون عندما رأوا الآية وهي الحية تتحرك
وتأكل ما يأفكون أسلموا أما هؤلاء فقد سكتوا عنها مؤقتا ثم قرروا قتلها .. فقتلوا
ناقة الله .. وقرروا قتله أيضا وأهله .. فما كان من الله إلا أن أرسل عليهم حجارة
فأخذتهم وأصبحت بيوتهم خاوية .. فعجزوا حتى أن يكونوا مثل النملة التي صانت بيوت
النمل وحذرتهم أجمعين !!
وأريد أن أوضح
نقطة قبل أن أنتقل لقصة لوط عليه السلام .. فعندما قال صالح (يا قوم لما تستعجلون
بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون ,,قالوا اطيرنا بك ) هؤلاء
القوم حكموا على نبوة صالح أنها أمر سيء لهم ولم يتيقنوا منها ..كثيرا ما يحدث هذا
الأمر .. أن ننظر للشيء نظرة أولى فنحكم عليه أنه سيء أو شر لنا وهو خيرأو العكس
قد نحكم عليه أنه خير وهو شر..فموسى عليه السلام رأى النور حسبه نارا ولكنه عاد فتعلم..
بلقيس رأت الصرح حسبته ماءا ولكنها آمنت عندما أدركت خطأها..وقال عنها سليمان نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي ؟؟هنا كانت
النهاية سعيدة للإيمان .. وأما ثمود فرأوا الآية وهي خير فتشاءموا منها وظنوها شر
لهم ولم يؤمنوا واستعجلوا بالسيئة فكان عاقبتهم الدمار.. )..ألا نخاف من لا شيء والتيقن أنه أمر يستحق أن نخاف لأجله .. أو أن
نحب لأجله
{وَلُوطًا
إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54)
أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ
قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55)فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا
أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56)
فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ
(57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (58}
وانظر إلى هؤلاء
ومنظورهم المشقلب فها
هو نبيهم ومبلغهم يريد أن يوصل لهم الرسالة والخبراليقين من السماء .. وهم بماذا
اتهموه؟ بأنه يتطهر.. فانظر إلى المعيار المعكوس.. فحسبوا أن من يتطهر هو الشرير
الضعيف ومن يأتي الرجال أفضل وأقوى فكان عاقبتهم أن يهلكهم المطر وبدل أن يكون ماء .. كان من حجارة أهلكتهم
وماكانوا لا يقبلون أن يتطهروا به تمنوا أن يروه عند حلول العذاب وهو الماء فكانوا
من قبل لا يقربونه ...سبحان
الله في كل حين والحمد لله فاطر السموات والأرض ..
إذا هناك عدة
محاور مرت معنا ..
1)
أن العلم بالشيء يعني تكليف بإيصاله لمن هو أقل علما والعطاء
مسؤولية.
2)
أن لا نحكم على الشيء قبل التيقن من الحقيقة ومن صدقه سواء كان
خبرا أو فعلا فلا نكون ممن زينت لهم أعمالهم فهم يعمهون .
3)
أن من علم فبلغ عليه أن يتحلى بالعدة والدليل والأسلوب الصحيحين
للبلاغ
4)
أن لا ننقص قدر شيء مهما كان ..فكل ميسر لما خلق له..
5)
ادراكنا أهمية اغتنام الوقت فسليمان استفاد من ساعات وثمود
ضيعوا أياما أنذروها
6) أن نعلم أن كل ما يأتي به الله خير فأمر المؤمن دائما لخير.
7)
أن الشكر على النعم سبيلنا للحفاظ عليها وهي السبيل لإلهامنا
كيفية التصرف بها
8)
أن لكل ملك ساعة سيحاسب بها مملكته ويجمعهم ليحكم بينهم فهي
مسألة وقت
ما بقي من الآيات وفيها حجة الله على البشر في خلقه وكونه في
السماء والأرض .
{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ
خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ{59} أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ
لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ
لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ{60}
أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ
وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ
لَا يَعْلَمُونَ{61} أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ
وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ{62}
أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ
بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا
يُشْرِكُونَ{63} أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ
السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ
صَادِقِينَ{64
قل يا محمد (صلى الله عليه وسلم) الحمد لله فهذا أوان الحمد والشكر - شأنه
شأن إخوانه الأنبياء - ..وسلام على عباده الذين اصطفاهم الله ..الذين استخدموا
نعمه في سبيله عز وجل ..وهو أحق بالعبادة والشكر..خلق السموات والأرض وأنزل الماء
وأخرج به الحدائق لنفرح بها ..ومهد استقرارنا على الأرض بجبالها وأنهارها ..جعل
بين البحرين حاجزا .. يجيب المضطر إذا دعاه ..ويهدينا في ظلمات البحر بما خلق لنا
أسباب الهداية ..فمن له ببرهان على إله آخر غير الله سبحانه وتعالى؟؟
} قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ
وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ{65} بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ
بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمِونَ{66} وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا
أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ{67} لَقَدْ وُعِدْنَا
هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ{68}
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ{69}
وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ{70} وَيَقُولُونَ
مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{71} قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم
بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ{72} وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ{73} وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ
وَمَا يُعْلِنُونَ{74} وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي
كِتَابٍ مُّبِينٍ{75}
علم الغيب بيده وحده فلا نعلم متى نقف بين يدي الله..وقد رأينا ممالك الأرض
كيف تحكم بانضباط ..فكيف بملك الله ..فكيف عندما نقف بين يديه يوم القيامة ؟؟وهو
يعلم ما نستحق ويعلم ما تخبئ صدورنا في كل لحظة..وهذا الإمداد للبشر هو فضل من
الله حتى يعودوا للصواب ولكن لا يعلم هذا الفضل إلا من رحم الله
{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي
هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ{76} وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ{77} إِنَّ
رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ{78} فَتَوَكَّلْ
عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ{79} إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى
وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ{80} وَمَا أَنتَ بِهَادِي
الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ{81}
وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ
تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ{82} وَيَوْمَ نَحْشُرُ
مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ{83} حَتَّى
إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً أَمَّاذَا
كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{84} وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ{85}
أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{86} وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ
فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ
أَتَوْهُ دَاخِرِينَ{87} وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ
مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا
تَفْعَلُونَ{88} مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ
يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ{89} وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ
هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{90} إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ
رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ
أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ{91} وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا
يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ{92} وَقُلِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ
عَمَّا تَعْمَلُونَ{93}
هذا القرآن يقص على بني إسرائيل..إذا هنا ربطت هذه السورة بسورة القصص لما
ذكرت فيها أهمية التقصي والسرد وذكرت أن اليهود كانوا يؤذون رسول الله بأسئلتهم
وبطلب المعجزات ..فنزلت هذه السور الثلاث بمنظومة واحدة ..أهمية الدعوة عن طريق
اللسان وسرد الحق ..وأن من لم يؤمن قلبه لذكر الله لن يؤمن بكل معجزات الكون ..إنك
لا تسمع الصم الدعاء ..هذا هو الفاصل ..ولن يرى أعمى البصيرة آيات الله في الكون
..فما حاجتهم للمعجزة ؟؟..
أما لآخر الزمان عندما يشتد الكفر والنفاق فستنزل بعض الآيات الشديدة
..كالدابة ..ثم يوم القيامة نرجع إلى الله والملك يومئذ لله وسنوزع كل في مكانه
كما يستحق ..وسيحاججنا أن ماذا فعلنا بآيات الله وكلامه إذا لم ندرك معناها ..وهنا
سيعجزون عن النطق.. وقد نطقوا بالكفر في الدنيا ..ويوم القيامة يوم الفزع لن يأمن
هذا اليوم إلا من استحق الأمن ..وهنا يضرب مثلا بالجبال التي نراها ظاهريا ثابتة
وهي تمر مر السحاب ..فكل شيء يوم القيامة سيظهر على حقيقته ..من جاء بالحسنة سيجزى
بخير منها ومن جاء بالسيئة له مثلها في جهنم..ورسول الله ما أمر إلا ليعبد رب
البلد الحرام مكة ويتلو القرآن الذي عجزوا عن إدراك عظمته فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل
فعليها ..وكل آيات الله سيأتي يوم وتظهر للناس فيعرفونها ...
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا
عبده ورسوله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق